إلى كل .. أب .. وإلى كل .. أم .. بقلم خليل حدّاد ..

إلى كل .. أب وإلى كل .. أم .. بقلم خليل حدّاد
وصلتنا رسالة من أم عربية ، مع ابنتها إلى انجلترا ، كي يستقر بهما المقام هناك ، وهي تشعر بالخوف على ابنتها من بعض التيارات السائدة بين الشباب ، التي تعكس خللاً فكرياً وسلوكياً وعقائدياً ، خاصةً أن ابنتها أبدت ميلاً نحوهم ، وبدأت تحاكيهم في مظهرهم وثيابهم .
تبادلنا الرسائل مع الأم ، ثم دار حوار بيننا وبين ابنتها عَبْر النت ، قالت أنها لم تلتق حتى الآن بهؤلاء الشباب ، ولكنها عرفتهم ومالت إلى أفكارهم وسلوكهم ، من خلال لقاءاتها معهم على النت ، ثم قالت أن سبب ميلها إليهم ، هو رغبتها في الشعور بالانتماء ، فهي تريد أن تكون جزءاً منهم ، كي لا تشعر أنها تائهة في الزحام ، خاصةً وأنها تعيش وحيدة مع أمها .
إنها بذلك لا تُعبر عن نفسها فقط ، بل تُعبر عن شريحة من أمثالها من الفتيان والفتيات في كل مكان ، ومدى حاجتهم للشعور بالانتماء إلى كيان يحتويهم ، لذا علينا أن نهيئ لأولادنا هذا الكيان ، نبدأ بالكيان الأسري ، نجعله مهيئاً لاحتضانهم ، فيشعرون فيه بالدفء والأمان .
أما بالنسبة للكيان خارج الأسرة ، علينا أن نهيئ لهم خيارات مأمونة ، وبذلك لا نكون قد فرضنا عليهم شيئاً بعينه ، دون أن نترك لهم حرية الاختيار ، وفي الوقت نفسه ، لم نتركهم نهباً لخيارات مجنونة ، تشكل خطراً عليهم .
علينا أن ندرك ، أن أصحاب هذه الأفكار المجنونة ، الذي أثروا على هذه الفتاة في انجلترا ، لا تفصلنا عنهم بحار ومحيطات ، إنها مجرد ضغطة خفيفة على مفاتيح الكمبيوتر ، تنقلهم إلينا ، وتنقنا إليهم ، فالعالم ليس قرية صغيرة كما يقولون ، ولكنه غرفة صغيرة ، نسمع فيها همس الآخرين في أقاصي الدنيا ، فلنحذَر همسات السوء .